انتهى قبل أن يبدأ
وقف على الشاطئ كما الجميع
ولكن الفرق أن لا أحد يرى البحر غيره!! لا أحد يعلم بوجود الأفق عاداه!
لم يفكر أحد بالشاطئ الآخر إلا هو .
قال لهم: انظروا ......
نظروا.. فلم يجدوا شيئا!!!
صرخ فيهم: البحر هناك!
نظروا إليه بأعين تقول له " لقد أغرقنا آذاننا" أغرقناها تحت الرمال.. لا تظن بأننا سنبحث عنها
فنحن بلا أيدي!!
صرخ مرة أخرى: كيف بلا أيدي؟! أنا أرى أيديكم!
قالوا : هي خيالك أنت. كل ما نذكره عن ما يسمى بالأيدي هو وثاق رأيناه ثم ذهب بأيدينا
سأل : أين الوثاق ؟؟
قالوا : ربما ذاب بالأيدي ,, أو تلاشى .. و هل يضيرنا هذا ؟!! فكيف نفتقد ما لم نعرفه من قبل ؟!
قال : تعالوا ,, أريكم أيديكم الحرة ,, أذانكم الصاغية ,, أعينكم الواعية !
قالوا : ما نصنع بكل هذا الوهم! حقيقتنا هي حياتنا هذه. و الوهم هو ما تراه أنت!!!
قال : لست بواهم , و لستم على حق!!
سألوه عن البرهان
قال : سأذهب إلى الشاطئ الآخر أحضر لكم البرهان على وجود البحر .. على وجود الشاطئ تحت أقدامنا
على وجود الأفق.. على ملككم لأيديكم و آذانكم و آيديكم..
عزم الإبحار ... صنع له القارب والمجاذيف .. عندما ركب قاربه و بدأ ,, أبى عليه البحر المجاذيف فأخذهما
هل يقف؟؟!!
هل يعود أدراجه؟؟
لا .. و ألف لا.
أن يبحر , أن يرى الأفق ، أن يحلم بالشاطئ الآخر ، أن يحلم بالعودة، أن يحلم بأناس يحيون ,
أكبر من أي مجذاف و من أي بحر.
جذف بيديه بكل قوته ..
هل رحمه البحر؟؟
لا.
ها قد أخذ البحرُ قاربه
ها قد ترامته الأمواج
هل يرجع؟؟
لا.
أن يفنى هنا , خير له من العودة ليدفن حياته.
قد يأخذ البحر جسده . و لكنه لن يحظى بالروح !
تسأل الناس عنه.
أين هو؟ و ما حل به؟
قال قائل : ذلك رجل انتهى قبل أن يبدأ.
لم يسمعوا البحر يقول لهم: حسبه أنه بدأ.
حسبه أنه بسط الموج!
غدا .. عندما يأتي آخرون.
لن يبحروا ! و لكنهم سيمشون على وجهى
ليكملوا .. ليكملوا من حيث بدأ.