الزوجات الأربعة
يروى أن رجلاً ذهب لحكيم ليستفتيه في رؤيا رآها في منامه و أرقه كثيرًا المقصود منها ... وما أن لقيه حتى هم عليه بقوله : -سأبوح لك بأمرٍ هامٍّ لم أفاتح فيه أقرب الناس إلى
فقد رأيت فيما يرى النائم أن لي أربع زوجات و قد كانت معزتهم متفاوتة فقد كانت
الزوجة الرابعة: هي الأغلى والأحلى منهن فهي المدللة و تلقى منى كل اهتمام و تقدير بسبب جمالها و نظارتها و أوليها كل عنايتي و رعايتي
تليها الزوجة الثالثة: فقد كنت أحبها حبا جماً و أفاخر بها أمام المعارف و الأصحاب لكني - و بصراحة شديدة - يساورني الشك فيها فأخشى أن تذهب في يوم ما مع غيري .
أما زوجتي الثانية: فأحبها أيضا .. فهي تتميز عن البقية بأنها متفهمة و صبورة , وإن لم تكن على درجة الرابعة و الثالثة في المحبة و لكنها نالت ثقتي و الحق يقال كلما واجهتني مشكلة ألجأ إليها فهي نعم العون وقت الضيق.
وأما زوجتي الأولى : فهي الشريكة الوفية في حياتي بل وهى التي لها إسهامات عظيمة في الاهتمام بأموري و رعاية شئوني بالإضافة إلى حرصها على و على بيتي , ويؤسفني أن أقول لك بأني لا أحبها بالرغم من أنها تحبني من الأعماق ... وما أسوأ العشرة التي تقوم على الحب من طرف واحد!!!!
و قد رأيت فيما يرى النائم و كأن ساعة وفاتي قد حانت و أصبح الموت يطلبني عندها حضرن زوجاتي على التتالي و قد قلت
لزوجتي الرابعة : أنت أشد من أحببت .. ألبستك أحلى الملابس و أغلى الحلي و غمرتك برعايتي و أنا الآن أموت فهلا رافقتني ؟ فردت على بسرعة : لا يمكن ثم ولت مدبرة و أحسست و كأن جوابها سكيناً غرز في فؤادي .
و حضرت الثالثة فقلت لها أحببتك طيلة حياتي و أنا الآن أغادر هذه الحياة فهلا رافقتني وآنستي وحشتي ؟
فأجابتني : الحياة حلوة ويؤسفني أن تعلم بأني سأتزوج من بعدك .. وكان وقع كلامها مؤلم عليَّ.
ورأيت زوجتي الثانية فذكرتها بما كنت أفعله من أجلها و قلت لها : هذا وقت الحاجة إليك وإلى مساعدتك فهلا رافقتني و آنستي و حدتي ,, فردت آسفة أنا لا أستطيع مساعدتك هذه المرة و لكني سأرافقك إلى المقبرة فقط و بينما كنت أتذكر جوابهن و أعتصر حزناً إلى ما آل له حالي وإلى جحودهن لي.
إذا أسمع صوتاً يصرخ في و يقول أنا أنا سأرافقك و سأتبعك أينما ذهبت ,,, نظرت إلى مصدر الصوت فإذا هي زوجتي الأولى و قد بدت هزيلة شاحبة كما لو أنها بقيت دون طعام لأيامٍ عديدة عندها أطلقت زفرة ندم على ما كنت أعاملها به من قلة رعاية وعدم اهتمام حتى أصبح ذاك حالها
قل لي راعاك الله: ما سر هذا الحلم فقد أزعجني كثيرا ؟
عندها تبسم الحكيم و هز رأسه و قبل أن يجيبه تنهد بعمق وقال :
كل منا له أربع زوجات ,,, فالزوجة الرابعة هي أجسامنا فمهما أعتنينا بها فلن تغادر الدنيا معنا.
الزوجة الثالثة هي أموالنا و ممتلكاتنا نحبها ونفاخر بها وعندما نموت تؤول إلى غيرنا من الورثة ,,,
والزوجة الثانية هي أقربائنا و أصدقائنا مهما قويت و توطدت علاقتنا معهم فأقصى ما يمكن أن يصلوا به معنا هو مرافقتنا إلى حدود القبر ,,,
و الزوجة الأولى هي التي لا يمكن لأحد رؤيتها وهى الروح التي نالت أكبر نصيب من الإهمال و تناسيناها في غمرة الاستمتاع بالحياة الدنيا ... أو ليس من العقل إذن العناية بها و رعايتها بالخير و العمل الصالح لا سيما أنها الوحيدة التي سترافقنا يوم القيامة.